المرأة اليمنية صراع من أجل البقاء والتمكين الاقتصادي

عدد القراءات 64

تعيش المرأة اليمنية حياة مليئة بالماسي والأوضاع الاقتصادية المتردية التي أفرزتها الحرب وتدهور العملة الوطنية وانقطاع الرواتب لتتحول حياتها إلى كدح وشقاء في البحث عن لقمة العيش.

اهتدت (أم أمل) إلى صناعة الكيك والحلويات وبيعها في أحد المتاجر، ولا عيب إن عرض أبنها بعض الحلويات على المارة لتأمين ثمن رسوم دراسته، وتجتهد الأم المكافحة في توضيح فكرتها بأنها لم تكتفي بما يعطيها والدها نهاية كل شهر كون زوجها يعاني من مرض نفسي وأصرت على استثمار مهارتها في صنع الحلويات لإعالة ابنائها الخمسة خاصة وأن أبنتها الكبرى تحتاج إلى مصروف مضاعف ثمن ملازم وكتب الدراسة الجامعية حيث تؤمن لها مهنتها دخل يومي يتراوح بين) ريال تجد إنها غير كافية لكنها افضل من مضغ القهر.. فقـــراً.

قلة المشاريع الصغيرة:

تتـزاحم أفكار المشاريع الصغيرة في مواقع التواصل الاجتماعي لفتح أبواب أمل أمام المرأة اليمنية من فرص تسويق مبيعات تجميل وأكسسوارت الى دورات تعليم المكياج والكوافير الى فرص تنمية الذات والبحث عن مشاريع الربح السريع.

الربح الذي دفع اقبال إلى التواصل مع كل صديقاتها لفتح مشروع صغير تتجاوز تكلفته ( 60 الف ريال ) وربحه مضمون ويومي لإعالة أسرتها بعد غياب رب الأسرة المفاجئ و فشلت في أستثمار صناعة المعجنات والحلويات بعد التحاقها بدوره تدريبية كلفتها 15 الف ريال وتبرر تعثرها في بيع الحلويات بأن المشروع السهل أبرك من مشاريع الخسارة و التعب.

ومع تواصل الحرب، أدى النزاع المطول إلى بعض الزيادات في عمالة النساء، فقد أدى القتال إلى ارتفاع كبير في عدد الأسر التي تقودها النساء؛ لفقد كثير من الرجال دخلهم بسبب النزاع، وفي بعض الحالات أصبحت المرأة هي المعيل.

كما قادت الحاجة المادية عدداً متزايداً من النساء إلى بدء مشروعات جديدة، غالباً ما تكون أعمالا منزلية مثل إنتاج الطعام في المنزل لبيعه، أو بيع الملابس والإكسسوارات عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ولقد تمكن أولئك الذين أسسوا مشاريع ناجحة من دعم أقاربهم بدخلهم، كما استلمت بعض الأرامل الشركات التي كانت مملوكة من قبل أزواجهن المتوفين.

الحرب والنساء:

تعتبر معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة باليمن واحدة من أدنى المعدلات على مستوى العالم، وقد أدى الانهيار الاقتصادي الناجم عن الصراع الجاري إلى تدمير هيكل سوق العمل في اليمن، إذ تشير البيانات المتاحة إلى أن النساء العاملات تضررن عموماً جراء الصراع أكثر من قرنائهن من الرجال، فبالتناسب، فقدت نسبة أكبر من النساء وظائفهن، كما كانت المشاريع المملوكة للنساء من أكثر المشاريع التي تعرضت للإغلاق، إلا أنه وفي وقت لاحق، دفعت الحرب المطولة مزيداً من النساء إلى العمل، غالباً بسبب فقدان مصدر الدخل الناتج عن الأزمة الاقتصادية، أو فقدان الأسرة معيليها من الرجال، أي أن دخول المزيد من النساء إلى سوق العمل كان بسبب تداعيات الصراع الاقتصادية، وليس بسبب أي تمكين اقتصادي مخطط له للنساء.

 جهاد عبد الله "30 عام " امتهنت بيع العطور في أحد المولات التجارية بالعاصمة صنعاء، من أجل إعالة طِفليها وتوفير ما استطاعت توفيره لهم من متطلبات الحياة الضرورية، بعد أن فقدت زوجها بالحرب، "فقدتُ زوجي الذي كان يعول أطفالي قبل ثلاث سنوات الحرب, وحينها اضطرت للعمل بعد مرور أربعة أشهر من وفاته من أجل إعالة الاطفال ودفع الإيجارات المتراكمة وتوفير متطلبات المنزل".

تقول لموقع الوعل اليمني:  "اضطررت أن أبيع خاتمي من أجل شراء ماسة لمواد خام خاصة بالعطور، ورهنت الآخر عند تاجر الجُملة، وبدأت في العمل بالشارع لمدة 8 أشهر، ثم انتقلت إلى المول القريب من بسطتي بعد أن تعاون معي مالكهُ بإيجار المسافة البالغة مترين في متر وضعت بها ماسة العطور.

عبد الجبار سالم "باحث اجتماعي يقول لموقع الوعل اليمني: "تحملت المرآه اليمنية أعباء اقتصاديه حيث مثلت سند وعون قوي لشريكها الرجل في هذه المرحلة الصعبة صبرها على الظروف القاسية التي يمر بها شريكها وتخليها عن الكثير من المتطلبات، وكذا تقديم كل ما تمتلكه من مقتنيات ومجوهرات لبيعها من اجل سد جزء من احتياجات ومتطلبات الأسرة، لافتاً إلى إصرار الزوجة على تعلم بعض المهن والأشغال اليدوية المدرة للدخل ولو بمبالغ بسيطة تفيد رب الأسرة في توفير بعض المتطلبات الأساسية من مردود الخياطة وتطريز الأقمشة النسائية وصناعة البخور ومستلزمات التجميل.

لقد فتحت الحرب مهنا جديدة أمام النساء، وقد دفع تدفق التمويل الإنساني لليمن إلى التوظيف في قطاع المساعدات الإنسانية.

فمن المرجح أن تعمل النساء في المنظمات غير الحكومية المحلية أكثر من الرجال ووفقا لدراسة أجريت2018, كما شاركت النساء في توزيع المساعدات الإنسانية، وتسهيل الوصول إلى الخدمات وإدارة المشاريع المتعلقة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي وتعزيز النظافة، فضلاً عن توفير الدعم النفسي والتدريب الموجه نحو سبل العيش والتوعية بشأن الصحة والتعليم.

تمكين المرأة:

الناشطة النسوية هبه سعيد تقول لموقع الوعل اليمني: "لن تثمر كل الجهود التي تبذلها النساء اليمنيات في تحسن الوضع الاقتصادي لأسرهن بشكل كامل، ما لم تتدخل الحكومة والجهات المعنية بالعمل الجاد جنبا إلى جنب مع المنظمات الدولية والمحلية، لدعم المبادرات والمشاريع التي تمكن وتأهل وتطور مهارات وقدرات النساء اليمنيات".

وتتابع هبة سعيد لموقع الوعل اليمني: يجب ألا يقتصر دور المنظمات في توزيع السلال الغذائية للنازحات وذوي الدخل المحدود فقط، بل الأهم من ذلك توفير مناخ إيجابي لتمكين النساء، والعمل على تحسين وضعهن الاقتصادي والصحي والتعليمي، والمساهمة في دعم القوانين التي تحد من العنف والتمييز ضد النساء"، وتُشير إلى أن الدعم المادي للمشاريع الصغيرة يسهم بشكل كبير في تشجيع النساء ومساعدتهن على النهوض بمشاريعهن، وتسهيل وتذليل الصعوبات.

مضاعفات الحرب:

منذُ بدء الحرب من قِبل مليشيا الحوثي الإرهابية، تدهورت الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير؛ حيث بدأت النساء بإنشاء مشاريع جديدة داخل المنزل، أو بالالتحاق ببعض المهن كعاملات في المطاعم مثلا أو ممارسة التجارة في الأسواق على مداخل المدن والقرى، بالرغم من ان هذهِ المهن كانت محصورة على الرجال فقط، ومع اشتداد وتيرة الحرب التي تشنها مليشيات الحوثي ازداد عدد الأسر التي تعولها نساء؛ حيث قدر عدد الأسر التي تعولها النساء في المدن حوالي 141.8 ألف أسرة وحوالي 271 ألف أسرة في الريف.

دخلت النساء أثناء النزاع إلى المهن التي كانت مغلقة أمامهن نظراً للقيود الثقافية، مثل العمل كنادلة أو بائعة تجزئة، بالرغم من التباين ففي تعز، وبينما دخلت بعض النساء سوق العمل لأول مرة أثناء النزاع، كشفت بعض الأبحاث أن وجود جماعات إسلامية متشددة قد حد من قدرة النساء على الحركة وأدى إلى فقدانهن وظائفهن، وقد تم توظيف بعض النساء لدى قوات الأمن لأطراف النزاع، فتم تجنيد النساء في قوات المقاومة الشعبية بتعز، حيث شغلن نقاط تفتيش وشاركن في مداهمات منزلية، وانضممن إلى "الزينبيات"، الميليشيات النسائية للحوثيين.

من جانبها، تشير الإعلامية مروي خالد، إلى معوقات أخرى تحدّ من فرص المرأة اقتصاديًّا، حيث تقول لموقع الوعل اليمني: " إنّ المعايير الاجتماعية ساهمت في خفض نسب تواجد المرأة في قطاع القوى العاملة، إذ ترفض بعض الأسر انخراط المرأة في سوق العمل، فيما ترفض أسر أخرى أن تمارس بعض الوظائف، وهي حواجز وتعقيدات أدّت إلى حرمان المرأة من المشاركة اقتصاديًّا.

بحسب مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فإن "معدلات مشاركة النساء في القوى العاملة في اليمن واحدة من أدنى المعدلات على مستوى العالم، وأن الانهيار الاقتصادي الناتج بسبب الصراعات أدّى إلى تدمير هيكل سوق العمل، وأن النساء العاملات هن الأكثر تضررًا من الرجال.

يشير تقرير البنك الدولي الصادر سنة 2022، إلى أن "نحو 2.4 مليار امرأة في سن العمل حول العالم لا تتاح لهن الفرص الاقتصادية المتساوية بالمقارنة مع الرجال، كما أنّ 178 بلدًا يضع حواجز قانونية تحُوْل دون مشاركتهن الاقتصادية الكاملة؛ أي إن المرأة لا تتمتع إلا بثلاثة أرباع الحقوق القانونية الممنوحة للرجال".